عدو عدوي ليس بصديقي
يختلف الباحثون في أصل مقولة (عدو عدوي صديقي)، ويرجعها الأغلب منهم إلى نظرية “راجاماندالا” في السياسة الهندية القديمة، والتي تعني “دائرة الملوك”، وهي بمفهومها لم تكن ببساطة التعبير اليوم، إذ كانت توضح العلاقات بين الملوك والأقاليم المجاورة، إذ يعتبر الملك الذي يقع في محيط أراضي الفاتح عدوا، والملك الذي يكون قريبا من العدو، ولكنه لا يفصله عن الفاتح إلا العدو، يعتبر صديقا. في عام 1946 طور عالم النفس الاجتماعي النمساوي “فريتز هايدر” نظرية التوازن التي تُستخدم لشرح أنماط العلاقات بين الناس، واقترح هايدر في نظريته أن التوازن في العلاقات يشتمل على أربع قواعد هي: صديق صديقي صديقي – عدو صديقي عدوي – صديق عدوي عدوي – عدو عدوي صديقي. في عام 2024 نجح فريق من جامعة “نورث وسترن” الأميركية باستخدام الفيزياء النظرية الإحصائية في دمج القطع الأساسية التي تجعل إطار عمل “هايدر” الاجتماعي ناجحا في الحياة الواقعية. وارتكزوا على نفس الفيزياء التي اعتمد عليها الحاصل على جزء من جائزة نوبل في الفيزياء عام 2021 “جورجيو باريزي”، والذي درس الأنظمة الفيزيائية المعقدة وتقترح أنه يمكن للتفاعلات المتنافسة أن تؤدي إلى ما يسمى بالإحباط المتأصل. وبالعودة إلى العلاقات السياسية التي ترتبط مع المقولة، نجد أنها طبقت في الحرب العالمية الثانية من قبل (ستالين من جانب وتشرشل وروزفلت من جانب آخر)، ومن بعد دعم السوفيت والصين لكوريا الشمالية، ودعم أميركا لأفغانستان، كذلك دعمها العراق في الحرب ضد إيران، والقائمة تطول، ولكن نجاح هذه المقولة لا نجده منطبقا على الحرب بين إيران والكيان الصهيوني، فالصهاينة عندما وجدوا أنّ هناك أملا بقبول إيران لحل للأزمة مع أميركا الصديقة ذهبوا باتجاه مخالفة الأوامر الأميركية وشنوا ضربة لم يكن وقتها مناسبا قبل المفاوضات، وبالمقابل لم نجد تفاعلا مع الرد الإيراني من بعض الدول التي تدعي أنها تقف إلى جانب القضية الفلسطينية والتي ممكن أن تكون صديقة إلى إيران في هذا الظرف الذي تعادي بها عدوهم الصهاينة، فهل هي المصالح في القرن الحادي والعشرين هي من تتحكم بالعدو والصديق؟ وما كان سابقا من تطبيق للمقولة ألم يكن مصالحا؟ والحقيقة أن تغير المبادئ وغياب الحس القومي ومعه الموقف الذي يجب أن يكون محددا واضحا من القضايا المصيرية هو ما يحكم المنافقين من الاشقاء الذي باعوا الدم العربي واستبدلوه بدم لا ينتمي لإصولنا ونسلنا.