تأثير إغراق السوق العراقية بالسلع دون فحص او تدقيق

بقلم/عامر جاسم العيداني
في عالم يتزايد فيه تدفق السلع وتشتد فيه المنافسة، لم يعد من الممكن الاكتفاء بإدخال المنتجات إلى الأسواق دون رقابة أو فحص ، هنا تبرز أهمية “التقييس والسيطرة النوعية” كإحدى أدوات الدولة لضبط جودة المنتجات الوطنية والمستوردة، وضمان مطابقتها للمعايير التي تحمي صحة المواطن وتدعم الاقتصاد الوطني.
إنّ تأثير إغراق السوق العراقية بالسلع دون مرورها بالفحص أو التدقيق من قبل دائرة التقييس والسيطرة النوعية يؤدي الى دخول سلع رديئة أو مغشوشة تؤثر سلباً على صحة المستهلكين (مثل الأدوية الفاسدة أو الأغذية المنتهية الصلاحية) ويقلل ثقة المستهلك بالمنتجات المحلية والمستوردة.
وتباع المنتجات الأجنبية الرديئة عادة بأسعار رخيصة مما يفقد المنتج المحلي قدرته على المنافسة ويتسبب بإغلاق مصانع محلية وزيادة البطالة. كما أنّ فيها مخاطر أمنية وصحية لبعض السلع، وقد تكون خطرة (مثل ألعاب الأطفال غير الآمنة، أو المواد الكيميائية غير المرخصة) ، مما يؤدي الى انتشار الأمراض بسبب أغذية أو أدوية غير مطابقة للمواصفات.
ويلاحظ أنّ هناك عمليات تهريب للسلع بشكل واسع، وتفصح بيانات المنافذ الحدودية والكمارك عن احباط الكثير منها أو قد تتجاوز الجمارك، وهذا بدوره يفقد الدولة إيرادات ضريبية وكمركية مهمة ، وأن وجود السلع الرديئة يؤدي الى زيادة تكاليف الرعاية الصحية بسبب الأمراض الناتجة عنها. وهذا يتطلب منع دخول هذه السلع من خلال تعزيز الرقابة الجمركية والفحص وذلك بتفعيل مختبرات فحص الجودة على المنافذ الحدودية (مثل هيئة التقييس والسيطرة النوعية) واستخدام التكنولوجيا (مثل أجهزة الكشف السريع) للبحث عن السلع المغشوشة.
ويقع الواجب على هيئة المنافذ الحدودية والهيئة العامة للكمارك بتشديد العقوبات على المخالفين، مع فرض غرامات كبيرة وسحب تراخيص المستوردين المتلاعبين، وإتلاف السلع غير المطابقة للمواصفات بشكل علني للقضاء على هذه الظاهرة. كما يتطلب الأمر نشر التوعية المجتمعية بإقامة حملات إعلامية لتوعية المواطنين بمخاطر السلع الرديئة وكيفية التعرف عليها، وإطلاق منصات للتبليغ عن السلع المغشوشة (مثل التطبيقات الإلكترونية).
ان الحكومة الاتحادية يقع على عاتقها دعم المنتج المحلي من خلال تقديم حوافز للمصنعين المحليين، لتحسين الجودة والمنافسة مع السلع الاجنبية ، مع فرض رسوم جمركية عالية على السلع المستوردة ذات الجودة المنخفضة ، وتحديد عملية الاستيراد للسلع حسب حاجة البلد ومن مناشئ رصينة وأن لا يكون الاستيراد الا بالحصول على ترخيص بذلك وفرض شهادة المنشأ . كما يشترط ضرورة التعاون الدولي والتنسيق مع دول الجوار لمكافحة التهريب (مثل اتفاقيات مع تركيا وإيران والأردن) والاستفادة من خبرات المنظمات الدولية (مثل منظمة الصحة العالمية) لتحسين الرقابة.
إنّ إصلاح النظام القانوني مهم جدا وذلك بتحديث قوانين حماية المستهلك ووضع مواصفات قياسية إلزامية ، وتسهيل إجراءات رفع الشكاوى ضد التجار غير المرخصين. كما تتطلب حماية السوق العراقية من اغراق السوق بالسلع الرديئة جهداً مشتركاً بين المؤسسات الحكومية (المنافذ الحدودية والجمارك ، وزارة التجارة، الصحة) والمستهلكين والمستوردين الجادين.
إنّ تعزيز الرقابة وبناء ثقافة الجودة سيحافظ على صحة المواطن ويحمي الاقتصاد الوطني من التلاعب والهدر بالاموال .
وأخيراً فإنّ التقييس والسيطرة النوعية إن أُحسن استغلالها قادرة على أن تتحول من إجراء روتيني إلى أداة وطنية فاعلة لبناء اقتصاد قوي ومستدام، وحماية المجتمع من الأضرار الصحية والاقتصادية.

إغلاق