الحشد الشعبي ليس بوابة للسلطة: إنذار من قلب الميدان
قائد عمليات الفرات الأوسط للحشد الشعبي وآمر لواء علي الأكبر
إنّ الحشد الشعبي، الذي تأسّس ببركة فتوى المرجعية الدينية العليا، كان ولا يزال مشروعًا وطنيًا دفاعيًا، قدّم أعزّ رجاله شهداء وجرحى، ليبقى العراق عزيزًا حرًا موحّدًا. لكن، ومع الأسف الشديد، يشهد الحشد في هذه المرحلة محاولات خطيرة لتحريف مساره، وإفراغ مضمونه الجهادي من الداخل، عبر ممارسات باتت واضحة لدى المجاهدين والشرفاء في الميدان.
أولًا: التعيينات تحوّلت إلى باب انتخابي وليس إنصافًا للمقاتلين
بات واضحًا أن التعيينات التي تُطلق باسم الحشد الشعبي لا تُوجَّه لسدّ النقص في الألوية المقاتلة ولا لإنصاف المجاهدين، بل أصبحت ورقة تُستخدم في سياقات انتخابية وسياسية ضيقة، تُمنح وفقًا للولاءات والمصالح وليس وفقًا لاحتياجات الميدان أو استحقاق من قاتل وضحّى.
الألوية التي كانت في الخطوط الأمامية، والتي نزفت من دماء رجالها وارتقى أبناؤها شهداء وجرحى، لا تزال تعاني من نقص حاد في العدد والتجهيز والدعم، بينما تُستحدث تشكيلات جديدة لا دور لها سوى الخدمة السياسية والانتخابية.
ثانيًا: استخدام عجلات الحشد لخدمة أجندات سياسية
وما يؤلمنا ويُثير الغضب، هو أن نرى عجلات وممتلكات الحشد الشعبي تُستخدم في غير موضعها، إذ تُسخّر اليوم لخدمة الحملات الانتخابية والارتباطات السياسية لبعض الأطراف، بدل أن تكون في جبهات الجهوزية والتعبئة والاستعداد لأي خطر يهدد الوطن.
هذا تحريف خطير لرسالة الحشد، وامتهان لقدسيته، وتحويل لروحه من مشروع وطني إلى أداة بيد من يبحث عن نفوذ أو مكسب انتخابي.
ثالثًا: استغلال المنتسبين وتحويلهم إلى أدوات انتخابية
لاحظنا بأسف شديد، تفريخ التعيينات الجديدة وتحويلها إلى أذرع لخدمة بعض النواب والسياسيين، تحت عناوين التثبيت أو العقود، فيما يُحرم المجاهد الحقيقي من نيل حقه، أو ترقية استحقاقه، أو حتى معالجة جراحه.
هذا الانحراف يُضعف مناعة الحشد، ويفرغ الجهد الجهادي من محتواه، ويُحوّل المؤسسة إلى واجهة بلا مضمون.
رابعًا: دعوة للمحاسبة والتقويم قبل فوات الأوان
إننا في الوقت الذي نُحمّل فيه المسؤولية لمن يسعى إلى هذا الانحراف الخطير، نطالب رئيس الوزراء، ومجلس النواب، بفتح تحقيق جاد ومسؤول في هذا الملف، وإيقاف كافة أشكال التعيين التي تُمرر وفق المصالح السياسية والانتخابية.
نطالب بأن تكون الأولوية لتثبيت واستيعاب المجاهدين الحقيقيين، وسدّ النقص في الألوية المقاتلة، وتوفير حقوق الشهداء والجرحى، لا لإغراق الحشد بتشكيلات وهمية وجيوش انتخابية.
خامسًا: المرجعية الدينية حذّرت من تحويل الحشد إلى أداة سياسية
لقد كانت المرجعية العليا واضحة في خطابها: “لا تسمحوا بأن يتحوّل الحشد إلى وسيلة للمكاسب السياسية أو الحزبية.”
نذكّر الجميع بأن أي استخدام للحشد خارج إطار الواجب الوطني هو خيانة للدماء والتضحيات والفتوى التي حفظت العراق.
ختامًا: الحشد مشروع وطن لا مشروع سلطة
نُجدّد التأكيد أن الحشد الشعبي ليس ملكًا لأحد، وليس واجهة لجهة، بل هو ملك الشعب ونتاج الفتوى المباركة.
من أراد أن يخدم العراق، فليحترم هذا العنوان، وليصنه من التوظيف والانحراف، فلا كرامة للحشد إن أصبح أداة بيد طامع، أو سلعة في بازار السياسة.
المجاهد اللواء علي الحمداني
قائد عمليات الفرات الأوسط للحشد الشعبي وآمر لواء علي الأكبر
16 نيسان 2025م – 17 شوال 1446هـ