الدروز ـ حصان طروادة الصهيوني..!


إنتصار الماهود ||

سقوط أكثر من 16 ضحية في بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل بسبب سقوط صاروخ، أكدت السلطات الصهيونية أنه بسبب مسيرة تابعة لحزب الله، بينما أعلن حزب الله عن عدم مسؤوليته عن هذه الهجمة، وقد إتخذ الكيان هذه الهجمة ذريعة ليشن سلسلة من الهجمات على الجنوب اللبناني يوم أمس، كما أكد شهود عيان بمقاطع فيديوية، أن ما سقط ما هو إلا صاروخ من القبة الحديدة وقد أخطأ في إعتراض هدفه ليسقط على سكان مدنيين، وهذا أدى الى توتر حاد في المنطقة رغم دعوات الأمم المتحدة الطرفين لضبط النفس وعدم توسيع قاعدة الإشتباك، و أكد وليد جنبلاط سياسي لبناني ورئيس طائفة الدروز في لبنان في تصريح له : ” نحن بالمرصاد للعدو الى جانب المقاومة والمقاومين الذين يواجهون إجرام الإحتلال وتأريخه مليء بالمجازر التي إرتكبها ويرتكبها ضد المدنيين”، وهو تصريح مهم جدا حسب قرائتي للمشهد الحالي.
السؤال الأهم لماذا يتم إستهداف الدروز بالذات وهل فعلا كانت ضربة من حزب الله أم ضربة من الكيان؟!.
لنتعرف على الدروز أولا: هم الموحدون أو بني معروف طائفة دينية وأقلية قديمة تدين بمذهب التوحيد، ذي التعاليم الباطنية وينسبون الى الإسماعيليّة، ويعتبرون نبي الله شعيب هو مؤسس مذهبهم التوحيدي ويعترفون بنبوة 7 أنبياء هم،( آدم، نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، محمد، محمد بن إسماعيل الدرزي)، كما يؤمنون بتناسخ الأرواح والتقمص، وتقوم فلسفتهم على إبتكار لاهوت خاص عرف بالسرية والتفسير الباطني للكتب الدينية، ويسلطون الضوء على دور العقل والصدق ويؤمنون بالظهور والتجلي الإلهي، ينطقون الشهادتين، لكن معظم المؤرخين وعلماء الدين يرجحون التقية في عملهم هذا خوفا من الإضطهاد، يتوزعون بين لبنان وسوريا وفلسطين، تتراوح أعدادهم بين ال 800 ألف و المليوني نسمة، منهم 149 الف يسكنون الجولان المحتل من قبل الكيان حسب إحصاء أجري عام 2022، عقيدتهم مختلطة من (الغنوصية، الافلاطونية المحدثة، الفيثاغورية، المسيحية، الزرادشتية، البوذية والهندوسية)،وهي طائفة تمارس التقية، مجتمع منغلق على ذاته ولا يتزوج من غير طائفته، تعرضت لإبادة وتهجير في موجات زمنية متباعدة، أولها على يد الفاطميين في مصر،(وهذا الامر يدحض النظرية التي نسبت الدروز للإسماعيلية)، وتمت محاربتهم ومطاردتهم من قبل الإحتلال العثماني، وآخرها على يد تنظيم داعش الإرهابي.
إستغل الصهاينة إنغلاقهم وإنعزالهم عن باقي العرب لتقربهم لها وتضمهم لمجتمعها، حيث تعتبر الدرزية رابع جماعة أثنية في داخل الكيان وتم منحهم الجنسية الإسرائيليّة لجميع الموجودين على أرضها منذ عام 1948، وتطوع الدروز مع الشركس والبدو ليؤسسوا أول كتيبة عسكرية عربية في جيش الإحتلال بإسم (حلف الدم)، وهو ما شرعنه ووضع قواعده الصهيوني بن غوريون، ليتم الإتفاق فيما بعد في عام 1956 مع زعيم طائفة الدروز قانونا يلزم الطائفة بالالتحاق الإلزامي للجيش، وتشكلت أول كتيبة خاصة بهم (حيرف) أي السيف عام 1974، وقد إعترف النتن ياهو بدورهم في حفظ أمن إسرائيل، كما أكد يعكوف شيمعوني وهو دبلوماسي صهيوني على أن تجنيد الدروز هو حربة نطعن بها القومية العربية ونؤثر بها على دروز سوريا ولبنان، لقد كانت نسبة مشاركة الدروز في جيش الكيان 85%، وهي حتى أكثر من نسبة اليهود المنخرطين، لتنخفض تلك النسبة كثيرا في الفترة الأخيرة الى 54%، من الرافضين منهم حسب موقع هرتسيليا الصهيوني، وتشكيل حركات ترفض الإندماج مع الكيان وتعارض التجنيد مثل حركة، (أرفض شعبك يحميك) ومن أبرز الشخصيات الرافضة هو الشيخ نمر نمر، والرفض من وجهة نظره يأتي من باب قومي ووطني وأخلاقي وإنساني ولأنهم عرب أقحاح شائت أم أبت إسرائيل.
وهذا ما ولد رد فعل غاضب من حكومة الكيان، وإستخدمت سياسات معادية ضد الدروز لإعادة تجنيدهم، مثل الإعتقال المتقطع والطرد والملاحقة، وتلك السياسة لم تجدي نفعا بالطبع.

لو قيمنا وضع أمس من المستفيد من ضرب الدروز، هل سيضرب حزب الله العرب الرافضين لسياسة التذويب الصهيوني والإندماج، أم سيقف معهم ويساندهم في مواقفهم الرافضة لإسرائيل، ونعرف أن مثل هذا العمل سيبعدهم عن الكيان الذي يستخدمهم كحصان طروادة للتضحية بهم، لإنهاء حرب غزة ذلك المستنقع الذي سقط فيه ولن يستطيع الخروج منه، أم نصدق إدعاء الكيان اللقيط. ولا ننسى فقرتين مهمتين:
1. حزب الله لم يضرب أي هدف معادي وينكر ضرباته بل حتى عندما ضرب بالغلط موقع فلسطيني إعتذر عن ذلك ببيان رسمي.
2. موقف وليد جنبلاط السياسي اللبناني، ورئيس طائفة الدروز في لبنان وكان تصريحه يوم أمس داعم لحزب الله وللمقاومة بشكل عام ضد الكيان .
رغم أنه لا يوجد دليل مادي على إستهداف حزب الله لمجدل شمس، الإ أن الكيان مصر على ذلك لحفظ ماء وجهه، والتقليل من الخسائر التي تكبدها بسبب عدوانه على غزة، ولقد إستخدم الكيان تكتيك متغير لمواكبة الضغط الخارجي والداخلي الذي يتعرض له، من خلال عدة نقاط لمن يراقب أفعاله مع حزب الله بصورة خاصة والمقاومة الشيعية عامة وهي:
1. تحييد القدرة العسكرية للمقاومة الشيعية بدءً بحزب الله.
2. إستهداف القيادات الحزبية للمقاومة خاصة قيادات الصف الأول.
3.تعطيل خطوط الإمداد اللوجستي ( خاصة العسكرية منها التي تاتي من الحلفاء).
4. الضربات الإستباقية لتشويش خطط المقاومة.
5. الحصول على الدعم العسكري والإعلامي من الكونغرس الأمريكي وهو ما تم فعلا.
6. إستخدام الحرب السيبرانية على مواقع المقاومة.
7. الحصار البحري والتوغل البري خاصة في لبنان..

من يقرأ المشهد الحالي سيتوقع الأسوأ بالطبع نظرا لخطورة ردود أفعال الكيان غير المدروسة، والذي أصبح يعاني بشكل كبير تحت الضغط الشعبي والإنقسامات في الرأي داخل مجتمع الكيان الغاصب، يحاول قادة الكيان المؤيدين للحرب من الحصول على الدعم والتأييد الداخلي، فهل سيحصل عليه؟!.
هل سيسمح الوضع في سوريا من التدخل بحجة حماية الدروز في الجولان، هل ستقبل أمريكا وروسيا بتحويل سوريا لساحة حرب جديدة وتقف متفرجة؟!.

إيران الحليف الأقوى للمقاومة الشيعية، هل ستصمت أمام الخطط الصهيونية خاصة في منطقة جنوب لبنان.
أنا لا أتوقع لكن في خطط الحرب كل المتغيرات ممكنة ومباحة لتغيير المعادلة، والصراع مع الكيان يشمل جميع السيناريوهات المحتملة.

إغلاق