الشرق الأوسط بين مطرقة الهيمنة وسندان الأحادية: هل تحتاج الشعوب لميزان جديد أم لطرف آخر من الحكاية؟

الشرق الأوسط بين مطرقة الهيمنة وسندان الأحادية: هل تحتاج الشعوب لميزان جديد أم لطرف آخر من الحكاية؟
طارق الخفاجي 27/10/2024
لطالما كان الشرق الأوسط ساحة لصراعات لا تنتهي، حيث تلد الحرب حربًا، وتتحول الهدنة إلى وقود لصراع جديد. وبينما يتنافس الأقوياء على بسط نفوذهم واقتسام الموارد، تظل الشعوب ضحيةً، تدفع ثمن حسابات معقدة تستند إلى القوة وتكتيكات الهيمنة.
اليوم، يبدو العالم العربي كرقعة شطرنج دولية، حيث تُدار القرارات الكبرى من عواصم بعيدة، وتحرك الشعوب كقطع يتم تحديد مصيرها من قِبل آخرين. حتى أن هذه الشعوب لا تملك الحق في الاختيار، أو حتى الهروب من دورة الخسائر المستمرة. الأسوأ من ذلك، أن أدوارها كـ”بيادق” على رقعة اللعب الكبرى لا تضمن لها أكثر من مكان ثانوي، بعيد عن مراكز اتخاذ القرار.
وهنا ينبثق تساؤلٌ جديد وقديم في آنٍ واحد: هل يجب أن يبقى العالم أسيرًا لقطبٍ واحد يسيطر على كل شيء؟ أم أن هناك حاجة ملحّة لإعادة التوازن الدولي بما يسمح بظهور أكثر من “لاعب” مؤثر في الساحة العالمية؟ في السابق، حافظ النظام العالمي على توازن هش بين قوتين عالميتين، الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. اليوم، ومع تلاشي هذا التوازن، باتت الهيمنة الأميركية واضحة في مختلف المجالات، من السياسة والاقتصاد إلى صناعة القرار وإدارة الأزمات.
ولكن هل يمكن فعلاً اعتبار عودة “قطبٍ ثانٍ” حلاً عادلًا؟ أم أن الحل يكمن في نظام عالمي جديد يقوم على أسس أكثر عدالة، يعتمد على حقوق الشعوب وقدرتها على تحرير نفسها من قيود اللاعبين الكبار؟ فالشرق الأوسط قد سئم من أن يكون وقودًا لصراعاته الخاصة وصراعات العالم الأكبر.
وفي قلب هذه اللوحة، يقف الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي كأحد أعمق الجروح التي لم تُشفَ. فلسطين اليوم ليست سوى ميدان مفتوح لاختبار القوة والنفوذ؛ تستمر الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني في صورة قتل واستهداف واستيطان لا ينتهي، ليبقى الفلسطيني محاصرًا في ظل دعم دولي متحيز يتجاوز الحدود الأخلاقية والعدالة الإنسانية.
إن الدعم الغربي لإسرائيل، الذي يشكل جزءًا من منظومة القطب الواحد، يكشف عن ازدواجية واضحة في معايير العدالة، حيث تُعطى إسرائيل كل وسائل الدعم العسكري والسياسي، بينما تُحرم الشعوب من حق الدفاع عن كيانها وأرضها. فالصوت الفلسطيني لا يتجاوز في كثير من الأحيان مجرد “صدى” مغيب وسط ضجيج الهيمنة العالمية.
ومع هذا الدعم غير المشروط، تبدو القوى الكبرى كأنها تستثمر في استمرار الصراع، متجاهلة النتائج الكارثية على الأبرياء. الشعب الفلسطيني، بشكل خاص، يُرغم على تحمل أعباء لعبة نفوذ لا ذنب له فيها، ويعاني من الحصار والتدمير بشكلٍ مستمر. فهل تبقى المنطقة رهينةً للأجندات السياسية ودعم لا محدود لطرف دون آخر؟ ..ربما تبرز هذه الحالة صورة أوسع تعكس حاجة العالم إلى التوازن، بدلاً من العيش تحت وطأة هيمنة قطب واحد يصم آذانه عن معاناة الشعوب. قد يكون الوقت قد حان لبناء نظام عالمي أكثر عدالة، لعلّ في ذلك فرصة للسلام وإعادة الحق للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

إغلاق